Posts

طيفٌ يطارد الرجال

 حدثتني نفسي أن أحدثه، ولكن ماذا أقول؟ أصبحت أجرأ وأكثر إقداماً وأشجع في التعرف على الناس، إلا أنني أشعر مؤخراً أنني أطارد الرجال ولا يطاردني أحد. انقلبت الآية. لم تعد الأمور كما كانت في الماضي. لم يعد يطاردني الرجال وأنا أماطلهم وألهو. أصبحت وحيدة...أبحث عن شبح. أراه في كل مرة يجلس على طاولة قريبة. نتبادل النظرات أحياناً. ترى هل يتعمد النظر إلي أم أنها صدفة؟ ربما أوهم نفسي بذلك لأطمئنها. هو يرحل في كل مرة دون أن يتحدث. لا يفتح أي حوار مع أني أظنه يشعر باهتمامي. لعله لا يدرك وأنا أظنه يلحظ اهتمامي. لعل الأمر لا يخطر عل باله قط بل لعله لا يلحظني أصلاً. برغم أعبائي وانشغالي الشديد إلا أنني وحيدة. الحمد لله أن عندي مهام كثيرة أنشغل بها. يهجرني الرجال بسهوله الآن ولا أدري لماذا برغم شعوري أنني أصبحت أنضج عاطفياً. أم أن ذلك هو السبب؟ أم أنني واهمة ومغيبة وتحولت إلى مسخ في العلاقات؟ أفتقد أياماً مضت كنت فيها مرغوبة، أزهد الرجال. ولكن...هذه هي الحياة: يومٌ لك ويومٌ عليك. 

أثناء الطريق (1)

 ولازالت علاقتي بك شيئأ لا أفهمه. أشعر بذلك الرابط ولكني لا أراه...ولا أراك، إلا أنني أشعر بوجودك طوال الوقت. أنت دائماً معي. أحياناً يتملكني الخوف. كلما اقتربت خشيت أكثر أن أفقدك، أن تغضب مني فتهجرني فأصبح وحيدة. نعم، سأصبح حينها وحيدة. أنت المؤنس الوحيد لي في وحدتي. وحدك تهون علي ذلك الإحساس المؤلم، الثقيل بالوحدة. وحدك تهون علي قسوة البشر وجراحهم. عندما الجأ إليك، ُيثلج صدري وتهدأ نفسي. لا تتركني لشيطان نفسي. لا تتركني للهوى. "إن النفس لأمارةٌ بالسوء إلا ما رحم ربي" دائماً أسمعها تدوي في أذني، من أكثر الآيات التي تمسني واقعيةً وصدقاً.حينما تتأخر إجابة دعوتي، أخشى أن يكون الرابط بيننا قد انقطع. تساءلني نفسي إذا ما كنت غاضباً علي، أفكر فيما فعلت وأحاسب نفسي. لازلت بعيدة، أليس كذلك؟ وجدت الطريق أصعب مما تخيلت مع أنني لازلت في بدايته. أخشى ألا أصل. ربما يجب أن أتحرر من هدف الوصول كي أستمتع بالطريق وتخلص النية كما درست. ولكن كيف وأنا أتمنى الوصول إليك والقرب منك؟! أشتاق إلى عالمٍ آخر لا أدرك معالمه إلا أن روحي ترتاح لذكره وشفتي تبتسمُ. اللهم لا تشغل قلبي إلا بك. أستعين بك على ن

Insights (2) - الرحمة

 اكتشفت أن من الأدوار التي نلعبها نحن البشر في الحياة وأجد صعوبة في التعامل معها: دور الضحية ودور البطولة. وهي إن كانت تبدو متناقضة إلا أننا أحياناً نلعب الإثنين معاً. دور الضحية دائماً ما يقنع نفسه بأنه ضعيف، لا حول له ولا قوة، فريسة للأقدار والزمن والدنيا والبشر. هو شخص مستسلم تماماً للكآبة والحزن ولا يحاول أن يفعل أي شيء للخروج من تلك الحالة أو تغيير وضعه للأحسن لأنه مقتنع أنه ما بيده شيئاً ليفعله. أجد صعوبة في التعامل مع هذا الكم من السلبية بل وتلك الكتلة من الكآبة التي تنتقل لك وللبيئة المحيطة في ثوان، والأصعب أنها كآبة مستمرة وليست مؤقتة. يزيد الأمر سوءاً أن هذا الشخص ينتظر من الآخرين مقابل التضحيات التي لم يطلبوها في المقام الأول بل وُيصدم في الآخرين إن لم يدفعوا مقابل تضحياته ويلومهم وربما يبتزهم عاطفياً. في حالة كانت التضحية بلا مقابل، يتجسد هنا الدور الثاني الذي ذكرته وهو دور البطولة حيث يضحي الشخص من وجهة نظره بشيء يحبه أو يريده في صمت ليظهر أمام نفسه أو الآخرين في دور البطل. وبالرغم من أن الأمر في ظاهره يبدو كذلك إلا أنه يتجاهل تماماً أنه يتبع سياسة الأمر الواقع مع الآخ

Insights (1) - القدر

 ماذا نحاول ان نفعل؟ نهرب من القدر؟ من المصير؟ من النصيب؟ والى اين نهرب؟ نخال اننا لو تركنا الوظيفة فالعمل الحر سيؤمن لنا الا يفصلنا احد عن العمل ثم نفاجأ بالشركة تفلس وتغلق ابوابها. في المقابل، نخشى ان نخاطر ونترك الوظيفة ثابتة المرتب ثم نفاجأ بالشركة تسرح موظفيها ونجد انفسنا نلقى نفس المصير! نخشى الزواج ونتجنبه حتى لا نفشل ونتألم ونعاني الوحدة فإذا بنا لا نتزوج ونتألم من كل علاقة نمر بها في الحياة ونلقى نفس مصير الوحدة والألم!  نحاول الهروب مما كتبه لنا الله فنسلك طريقا آخر في الحياة لنجد في نهايته نفس المصير. 

الساقية

   يجلس وأمامه عشرات السجائر المطفأة. يسند رأسه على كفه قبل أن تن ح در وتسقط من على جسده كما يسقط الحجر من أعلى الجبل. عيناه شبه مغلقة. تظهر على وجهه علامات الإعياء الشديد. بذل مجهوداً كبيراً كي ينهض على قدميه ثم سار يجر قدميه حتى وصل للسيارة. عيناه شبه مغلقة وهو يقود. هو في طريقه إلى الريف ليرى والده. توقف بالسيارة فجأة وكأنه رأى مشهداً مرعباً. نزل مسرعاً في الحقل في اتجاه الساقية حتى وصل إليه، ثور ضخم يدور الساقية. نزع الغمامة من فوق عينيه وحاول جاهداً أن يوقفه. وقف أمامه محاولاً دفعه كي يتوقف. قفز إلى جانبه وهو يدور وحاول أن يفصله عن الساقية. إنه يريده أن يتوقف عن الدوران في الساقية، يريده أن يرحل! فجأة، رأى جموع الناس حوله ينظرون إليه في دهشة ويضربون كفاً بكف. تسمر في مكانه ثم احنى رأسه للأرض ثم سار حتى باب السيارة. قاد السيارة شارداً حتى وصل لمنزل والده. الوالد: ما بك يا بني؟ - متعب...منهك جداً الوالد: لا تترك نفسك فريسة للمشاغل والماديات، لا تكن عبداً لها، فالعمر قصير يا ولدي. ستدرك في لحظة أنه قد مر دون أن تحياه. في الحقل، اخرج هاتفه ونظر ملياً إلى رقمها ثم طلبها

بلا حب

تتناول الغذاء معه بينما يتحدث؛ يحكي لها عن يومه. تنبهت على صوته يقول: - فما رأيك؟ حاولت أن تداري عدم انتباهها فأجابت قائلة: - آسفة...لم أسمع الجملة الأخيرة فأنا لم أنم جيداً بالأمس. ابتسم وأعاد نفس القصة مرةً أخرى. هو يعلم أنها لم تسمع شيئاً مما قال، وليس فقط الجملة الأخيرة، إلا أنه يحاول أن يختلق لها الأعذار دائماً. استيقظت في صباح اليوم التالي على صوت الهاتف. سحبت المحمول ونظرت لترى من المتصل بعينين نصف مفتوحتين. إنه هو. وضعت المحمول مكانه وأكملت نومها. في العمل، في وقتٍ متأخرٍ، أجابت على هاتفها قائلة: - آسفة، مضطرة لإلغاء معادنا اليوم. لدي الكثير من العمل لإنجازه. ثم أنهت المكالمة سريعاً، دون انتظار الرد. نظرت إليها صديقتها على المكتب المجاور قائلة: - تلغين موعدك مع خطيبك كثيراً بسبب العمل. أنا على استعداد أن أقوم ببعض المهام الموكلة إليك واذهبي أنت اليوم.  - شكراً للعرض ولكن لا داعي لذلك. العمل أهم. - العمل أهم من خطيبك؟! ألا تحبينه؟ - صمتت قليلا ثم قالت: لا أشعر تجاهه بمشاعر محددة. لا شيء. - لا شيء؟! كيف هذا؟ من المؤكد أنك تشعرين بشيءٍ ما ... ثم ألست أن

وفي كل يوم...أمل يولد ويموت

  بعد أن حاول النوم على جانبه الأيمن ثم الأيسر وباءت كل محاولاته بالفشل، جلس في السرير متنهداً. شرد بفكره بعيداً. منذ ليالٍ طويلة وهو لا ينام. لا يتوقف عن التفكير.  ينظر إلى زوجته الراقدة بجواره. لم يرى منها ما يسيئه. يميل رأسه للوراء ويتنهد. إنه يجر قدميه يوميا للذهاب إلى العمل. يعمل طوال يومه وهو شارد الذهن ويتحرك خلال يومه وكأن حجراً ثقيلاً على صدره حتى أنه يتنفس بصعوبة.  يعود لمنزله مرهقاً. يجلس حول المائدة مع زوجته وأولاده. هي تتكلم كثيراً وهو ينظر إليها متظاهراً بالانتباه ولكنه لا يسمع شيئاً مما تقول. تمر الأيام وهو على هذه الحال. يشعر بالإرهاق الشديد من كثرة العمل والفكر وقلة النوم. إنه ينهار تدريجياً. نهض من الفراش بعد محاولات فاشلة للنوم. أخذ مفتاح السيارة وانطلق بها لا يدري إلى أين، حتى وجد نفسه عند بيتها. ظل في السيارة ينظر إلى شرفة منزلها في صمتٍ وحزنٍ دفين. إنه لا ينساها أبداً حتى بعد كل تلك السنين. لا يمر يوم دون أن يفكر فيها. إنه لم يقوى على التخلي عن مسئوليته تجاه أولاده وزوجته إلا أنه لم يستطع أيضاً أن ينساها ويمضي قدماً في حياته. لن تعود الأمور كما كانت. هو يتخيلها في