Posts

Showing posts from October, 2020

حين ضللت الطريق

لا أتذكر ماذا كنت أفعل قبل هذه اللحظة، لقد رأيت فجأة يداً ضخمة غليظة ممدودة ً تجاهي وسمعت صوتاً أجش يقول: "هيا بنا" نظرت إلى مصدر الصوت فرأيت وجها دميماً، قبيحاً كل القبح، أثار في نفسي مزيجاً غير مفهوم من الرعب والاشمئزاز والتعاطف. أجبت وأنا أرتعد: "إلى أين؟" قال: "إلى متاع الدنيا...إلى مباهج الحياة" فنظرت إلى نفسي ثم رفعت رأسي إليه قائلةً: "ولكنني متسخة" وتذكرت...تذكرت ماذا كنت أفعل قبل ذلك...تذكرت رحلة طويلة، مرت أمام عيني، من المعاصي والذنوب. ولم تحملني قدماي فسقطت على الأرض. مد إلي يده مرة أخرى فنظرت إليها طويلا ثم أشحت عنها بوجهي. قال: "لا مكان لك هنا. لقد أخترت طريقك منذ زمن" - "سئمت كل ذلك...لا أريد الذهاب" -"إلى أين ستذهبين إذاً؟" أجبت في صوت متحجرش: "إلى الله" أحمر وجهه فأصبح كالنيران المشتعلة حتى ارتعدت جميع أطرافي ثم صاح بصوتِ يكاد يقتلعني من مكاني: -"أتظنين أن يقبلك الله بعد كل تلك الذنوب؟" ثم أسقط أمامي ذنبا تلو الآخر حتى تكون في ثوانِ جبلا مهيباً لا أستطيع رؤية قمته من ضخامته وعلوه،

آسف حبيبتي

 دخل السيارة وهو في حالة ذهول. أغلق الباب وظل صامتا، ساكنا للحظات، وكأنه لا يعي ما حدث أو ماذا عليه أن يفعل. ثم فجأة، انهمر في البكاء وكأنه لم يعد يستطيع إخفاء مشاعره أكثر من ذلك. انهمرت الدموع من عينيه. علا نحيبه فجأه وكأنه يفرغ شحنة من المشاعر المكبوته. لا يصدق أنها هي. ذلك الوجه الملائكي الذي طالما طل عليه بابتسامته، تشع منها الحياة والأمل، أصبح شاحبا في لون الموت. أنطبقت الجفون لتطفئ بريق تلك العينين الجميلتين اللتين طالما أحب النظر إليهما. ذبلت تلك الشفاة التي كانت في لون الزهور.  كانت كالجثة الهامدة، لاتتحرك، بلا حياة. لم يلتقيا منذ سنوات...منذ أن أفترقا...إلا انه هرول لرؤيتها حين علم بمرضها. كان يبحث عن حبيبته بداخل ذلك الجسد الممدد على فراش المستشفى. كان يبحث عن تلك الروح التي لازمها لسنوات. لقد عهدها قوية وتخيل أنها ستنتصر على ذلك المرض الخبيث...تخيل انه سيجدها تماما كما افترقا منذ سنوات طويلة. مر شريط الذكربات امامه وكأنه كان بالأمس. إنه يتذكر حتى أدق التفاصيل، يتذكر حتى ماذا كانت ترتدي في كل موقف لهما معا.  وضع رأسه بين كفيه يحاول التقاط انفاسه بين شهقات البكاء ثم مال برأسه

ملاكي الحارس

 برغم أننا نعرف بعضنا منذ سنوات طويلة، إلا أنه لم يقل لي ولا مرة أنه يحبني. برغم ذلك، كنت أدرك أنه أكثر رجل أحبني على وجه الأرض. كنت أشعر بذلك دون أن ينبس بكلمة وكأن الكلمات لن توفي مشاعره حقها.  خشيت أن ألقاه الآن بعد كل تلك السنوات. آثرت أن أعيش على الذكريات التي عشناها معا. خشيت أن أشوه صورة الماضي وخفت أن تكون مشاعره تجاهي قد تحولت إلى كراهية. وعاد في حياتي مرة أخرى بعد كل تلك السنوات. كيف لم تتحول مشاعره تجاهي؟ كل شىء يتغير. كلنا تغيرنا. كيف أبقى على كل ذلك الحب؟ لم يقل أي شىء. وكيف يقول الآن بعد أن تغيرت الظروف إذا كان لم يقل حين كانت الظروف سانحة؟  يدهشني أن يتمكن المرء من كتمان مشاعره كل تلك السنوات والأعجب أن تكون أقوى من شعوره بالرغبة في الانتقام وأن تنتصر على الكراهية والقسوة. كم كنت أحتاج إلى وجوده مرة أخرى في حياتي! ترى هل عاد لانه أدرك ذلك؟ أو علمه بطريقة ما؟ سألت نفسي كثيرا إن كان قد عاد لينتقم إلا أنني مازلت أستشعر مشاعره برغم صمته.  كثيرا ما أتمنى أن ألقي بنفسي بين ذراعيه وأبكي، أن يضمني إلى صدره، فأنا في حاجه إلى مشاعره التي تولدت منذ أيام البراءة وكانت أكبر من اختبار