Posts

Showing posts from September, 2019

تلك اللحظة

استيقظت من النوم على رائحة أبي تملأ المكان كما كنت أشمها دوما وهو يهم بالرحيل من المنزل. نهضت من فراشي وسرت في اتجاه الرائحة، ببطءٍ وحذر، وقدماي ترتعد. خرجت من غرفة نومي، وكلما خطوت تغير المكان حولي، حتى خرجت لحجرة السفرة...إنها ليست سفرة منزلنا. إنه بيت جدتي! أبي يجلس هناك، يقرأ الجريدة من وراء نظارته وهو يتناول إفطاره. تسمرت في مكاني للحظات وأنا أنظر إليه مليا ً. قدماي لازالت ترتعدان، لا تقويان على حملي. جررت قدميّ لأقرب كرسي إليه ثم جلست. تُرى هل أحلم؟! مددت يدي المرتعشة ببطء لألمس يده، وقد سيطرت علي أحاسيسٌ كثيرة مختلطة، ما بين الخوف والدهشة والسعادة والألم.  إنه هو. إنها بشرته الملساء الناعمة. سقطت عبرةٌ سريعة، رغما عني، وكأنها أرادت أن تراه وتتأكد من وجوده. بذلت مجهودا ليس بالقليل كي أحفز شفتيّ على التحرك ثم همست متلعثمة: "أبي...خشيت ألا أراك ثانية ً" أمال أبي الجريدة، ناظرا ً إلي من فوقها، ثم ابتسم. كم افتقدت النظر إلي زرقة البحر في عينيه، وكأنها بلا نهاية. كم أتمنى أن أسمع صوت ضحكته المميزة وهي تخلق السعادة في المكان وتبعث الحياة

قصة الأمس وقصة اليوم

عاد ليذكرني بتلك الأيام. كان صورة من الماضي في خيالي أتذكرها وابتسم ثم تحول إلى حقيقة في حياتي مرة أخرى. لا أصدق انه مازال يحمل تلك المشاعر الجميلة البريئة الصادقة في قلبه. لم أعي كيف استطاع أن يغفر لي. لقد شق عليه أن يغفر لأمه وهي لم تتسبب قط في إيذاءه...وأنا غفر لي كل ما فعلته به؟! بل إنه حتى لم يشأ أن يجرحني ويحملني مسئولية تغيير مسار حياته بالكامل بكل ما عاناه فيها! وكلما فعل ذلك، أنبتني نفسي وتساءلت كيف استطعت أن أجرحه يوما. كما قال أستاذي العزيز، من يحب بصدق فسيحب إلى الأبد وسيظل يتذكر ذلك الشخص الذي أحبه ويبتسم، مهما فعل ومهما حدث. كم من البشر يحبون بصدق؟ لاختلفت حينها الحياة. لا أدري إن كنت أحب حقا أم هو اشتياق لتلك الحالة التي يغدقنا بها الحب. هل أحببت شخصا قبل حتى أن أتحدث معه؟ هل أحببته مع علمي بذلك الفارق الكبير بيننا في السن والثقافة والماديات وحتى المستوى الاجتماعي؟ لماذا تغاضيت عن كل ذلك وعندت نفسي وسرت في ذلك الطريق الذي أعلم تماما أن نهايته حائط عالي، منيع. أهو حب المغامرة يتملكني مرة أخرى؟ هل أخوض التجربة لأخرج من حالة الاحتياج تلك في حياتي ولأثبت لنفسي أن