Posts

Showing posts from April, 2018

وداعا أبي

لا أدري كيف أتحمل كل هذه الآلام. أين أهرب من كل تلك الذكريات؟  ستة وثلاثون عاما من الذكريات في مختلف الأماكن. رحلة عمري كله شاركتني فيها. شاهدتني وأنا أكبر وحضرت معي كل فرحة وعاصرت كل دمعة. ماذا أفعل الآن؟ هل أتطلع إلى كل صورنا معا كلما أفتقدتك؟ وكيف لي أن أستشعر مرة أخرى ملمس بشرتك الناعمة حين أقبلك؟ ماذا أفعل حين تشتاق أذناي لسماع نبرة صوتك؟ ولو أردت منك أن تضمني بعد فراق، كيف أسترجع دفء ذلك الحضن؟ لقد عشنا حياة طويلة معا. رأيتك شابا صغيرا تصطحبنا من المدرسة كل خميس لنمر على بائع العصير في طريق العودة فكان يوم عيدٍ لنا، وتمر الأيام وتتسسلل بعض الشعيرات البيضاء إلى رأسك ليصبح رماديا فأحببت ذلك اللون الجديد، ثم جرى العمر وأبيض شعرك كله وأنا في غفلةٍ من الوقت. أتصفح الصور فأرى العمر أمامي قد جرى مهرولا... أنت في مراحل العمر المختلفة، إلا أنك كما أنت، نفس الضحكة. هل سأضحك مرة أخرى بعد أن رحل صاحب الروح المرحة، مُلقي الدعابات؟ ويصعب على نفسي أن تدرك كيف ستطأ قدماي تلك الأماكن مرة أخرى وأنت لست معنا. كم هو مؤلم أن تنقص الصورة شخصا في كل مرة، بدئا من جدتي ثم أنت. لن تكون هناك

حوار مع عزرائيل

تجلس منحنية الرأس، دامعة العينين، وعلى وجهها ذهولٌ عميق. تسمع صوت أقدام، فترفع رأسها ببطءٍ شديد وكأنها ترفع أثقالا. جف حلقها من هول الصدمة، وتسمرت في مكانها إلا أنها لم تستطع أن تحيد بنظرها عنه. بعد فترة من الصمت كانت تحاول فيها جذب صوتها من الأعماق، همست: لِمَ؟ أجاب بصوتٍ يبدو عليه التأثر، على خلاف المتوقع منه: هذا واجبي. تدحرجت دمعة من عينيها وهي تسأل: إلى أين أخذته؟ أجاب بنبرةٍ صادقة: مهمتي تنتهي عند مفارقته الحياة. تنهمر الدموع من عينيها وهي تنظر إلى لا شئ، فهي حتى لا تنظر إليه، وكأنها تنظر إلى عالمٍ آخر ثم قالت: لكنني لازلت أراه. لم أعي بعد أنه قد رحل. حتى مرور الوقت لا يهون بقدر ما يؤلم، ففكرة أننا سنعتاد غيابه مؤلمة في حد ذاتها. وماذا أفعل مع ضميري؟ فهو يؤنبني على كل صغيرة وكبيرة مرت بيننا حتى ما لم أظنه تقصيرا مني حينها. وكلما تجاهلت انه قد رحل، تؤرقني نفسي بشئ أجهله...فلا أنام مع أنني أطرد كل فكرة توشك أن تمر بخاطري. وأظنني فقط أؤجل الألم فهو لن يرحل. كلما لمحت عيناي صورةً له، نغز الألم قلبي فأشحت النظر كي لا أراها. ظل هو واقفاً، صامتاً، مطأطئ الرأس، لا