Insights (2) - الرحمة

 اكتشفت أن من الأدوار التي نلعبها نحن البشر في الحياة وأجد صعوبة في التعامل معها: دور الضحية ودور البطولة. وهي إن كانت تبدو متناقضة إلا أننا أحياناً نلعب الإثنين معاً.

دور الضحية دائماً ما يقنع نفسه بأنه ضعيف، لا حول له ولا قوة، فريسة للأقدار والزمن والدنيا والبشر. هو شخص مستسلم تماماً للكآبة والحزن ولا يحاول أن يفعل أي شيء للخروج من تلك الحالة أو تغيير وضعه للأحسن لأنه مقتنع أنه ما بيده شيئاً ليفعله. أجد صعوبة في التعامل مع هذا الكم من السلبية بل وتلك الكتلة من الكآبة التي تنتقل لك وللبيئة المحيطة في ثوان، والأصعب أنها كآبة مستمرة وليست مؤقتة. يزيد الأمر سوءاً أن هذا الشخص ينتظر من الآخرين مقابل التضحيات التي لم يطلبوها في المقام الأول بل وُيصدم في الآخرين إن لم يدفعوا مقابل تضحياته ويلومهم وربما يبتزهم عاطفياً.

في حالة كانت التضحية بلا مقابل، يتجسد هنا الدور الثاني الذي ذكرته وهو دور البطولة حيث يضحي الشخص من وجهة نظره بشيء يحبه أو يريده في صمت ليظهر أمام نفسه أو الآخرين في دور البطل. وبالرغم من أن الأمر في ظاهره يبدو كذلك إلا أنه يتجاهل تماماً أنه يتبع سياسة الأمر الواقع مع الآخرين ويفرض عليهم ما يراه مناسباً من وجهة نظره دون أدنى احترام لرأيهم هم في الأمر ودون أدنى اهتمام لشخصياتهم ورغباتهم ودون أي مشاركة معهم وكأن هو أدرى إنسان بالمصلحة ويرى الآخرين بلا شخصيات ولا عقول. أجد صعوبة في التعامل مع هذا الكم من النرجسية ورؤية الذات فقط وتهميش الآخرين والاستخفاف بهم.

تلك الشخصيات ربما تفعل ذلك من منظور أنها تفعل الأصلح للآخرين، دون وعي أنهم ربما يفعلون العكس تماماً وهو إيذاء الآخرين.

حينما تفكرت في رحمة سيدنا محمد وتوقفت عند ذلك، أدركت لما لم يكن ذلك سهلاً. إن الرحمة تتطلب مجهوداً كبيراً لأنها أحياناً تتعارض مع متطلبات النفس. لكي ترحم شخصاً آخر وتقدر ظروفه، يتطلب ذلك أن تتحامل على نفسك أحياناً وتصبر وتؤجل رغباتك أو طلباتك وتقابل الإساءة بالعفو والغفران…. والأعلى والأصعب أن تقابله بالإحسان.

 


Comments

Popular posts from this blog

Coincidence By The River

حين ألتقت الأعين

حوار مع الله 2