قصة الأمس وقصة اليوم
عاد
ليذكرني بتلك الأيام. كان صورة من الماضي في خيالي أتذكرها وابتسم ثم تحول إلى
حقيقة في حياتي مرة أخرى.
لا أصدق انه مازال يحمل تلك المشاعر الجميلة
البريئة الصادقة في قلبه. لم أعي كيف استطاع أن يغفر لي. لقد شق عليه أن يغفر لأمه
وهي لم تتسبب قط في إيذاءه...وأنا غفر لي كل ما فعلته به؟! بل إنه حتى لم يشأ أن
يجرحني ويحملني مسئولية تغيير مسار حياته بالكامل بكل ما عاناه فيها!
وكلما فعل ذلك، أنبتني نفسي وتساءلت كيف
استطعت أن أجرحه يوما.
كما قال أستاذي العزيز، من يحب بصدق فسيحب
إلى الأبد وسيظل يتذكر ذلك الشخص الذي أحبه ويبتسم، مهما فعل ومهما حدث.
كم من البشر يحبون بصدق؟ لاختلفت حينها
الحياة.
لا أدري إن كنت أحب حقا أم هو اشتياق لتلك
الحالة التي يغدقنا بها الحب. هل أحببت شخصا قبل حتى أن أتحدث معه؟ هل أحببته مع
علمي بذلك الفارق الكبير بيننا في السن والثقافة والماديات وحتى المستوى
الاجتماعي؟ لماذا تغاضيت عن كل ذلك وعندت نفسي وسرت في ذلك الطريق الذي أعلم تماما
أن نهايته حائط عالي، منيع. أهو حب المغامرة يتملكني مرة أخرى؟ هل أخوض التجربة
لأخرج من حالة الاحتياج تلك في حياتي ولأثبت لنفسي أنني لازلت مرغوبة ولأبرهن على
قدرتي على جذب وإثارة الرجال مهما اختلفت مناصبهم وأعمارهم؟
دائما أختار العلاقات الصعبة، المعقدة،
المليئة بالتحديات...أو ربما هي التي تختارني.
أنا أدرك تماما مهاراتي الأنثوية فلماذا
أحاول دائما أن أبرهن على وجودها؟ ولمن أحاول أن أثبت ذلك؟ لقد رحل والدي مع
كلماته التي تركت في ذلك الأثر، فلم لا أتجاوز ذلك؟ لماذا علقت هنا؟ وهل سأنسحب
ككل مرة حين تتحول العلاقة من الغموض إلى الاستقرار، ونتجاوز التحديات؟
ماذا عنه بعد أن أجرحه؟ ءلازلت أنتقم من الرجال برغم كل
ما أترفوني فيه من حب وحنان؟ هل أتعمد ذلك؟ هل يحدث بلا وعي مني؟ هل أتحمل أن أجرح
رجلا آخر؟
حاولت كثيرا أن ألجم مشاعري...حاولت عدة
مرات. لم أتوقف لحظة عن التفكير فيه. فشلت كل محاولاتي للابتعاد عنه. وحينما قررت
أن أسقط الأمر من حساباتي، حدث ما لم أتوقعه وكنت قد فقدت الأمل كلية فيه. وشعرت
حينها أنها إرادة الله وأن هناك مغزى من وراء ذلك. وقررت أن أترك نفسي للأقدار
وأسلم لها. استسلمت لما سوف يقدره الله في هذه العلاقة. ترى إلى أين
ستأخذنا.
ظننت أنه ربما ييسر على الأمر وينسحب حين
يعلم بفارق السن، لكنه لم يفعل. ظننته سيسفر عن شخص آخر غير ما ظننت يدفعني للبعد
عنه، غير أن إحساسي لم يخدعني قط وكان أجمل كثيرا مما توقعت. لازالت هناك احتمالات
كثيرة كرد فعل الأهل وما يحمله الفارق بيننا من تحديات. ولكني ضعيفة أمامه، أضعف
من أن أنسحب. وبرغم شعوري في بعض الأحيان بفارق السن وخوفي من تبعات ذلك، إلا أن
في أحيان أخرى كثيرة يتلاشى ذلك الفارق أمام ذكاءه في التعامل ووعيه.
منذ اللقاء الأول وهو يذكرني بصديقي الصدوق.
يوجد رابط ما، ربما "جدعنة ولاد البلد". ربما إحساسي بأنه رجل بكل ما
تحمل الكلمة من معنى. وربما لأننا أصدقاء. ألهذا تجاهلت كل الفروقات واستمريت في
العلاقة؟ هل أحاول تعويض الماضي وتجنب الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى، بفرضية أنه
كان خطئا؟ هل اشتياقي للماضي دفعني لتكراره؟
اكتشفت أن "هؤلاء" الرجال هم من
أشعر معهم بالأمان والاستقرار والراحة النفسية...وأنني محبوبة كما أنا، على
طبيعتي. ربما جاء الاكتشاف متأخرا إلا أنني ممتنة لإدراكي ذلك.
Comments
Post a Comment