حين ألتقت الأعين

وألتقينا بعد أكثر من ثماني سنوات من الفراق. وارتعد قلبي رهبةً حين علمت انه ضمن المدعوين. 
أخشى لقاءه بعد كل تلك السنوات وقد كان الأقرب إلى نفسي لسنواتٍ عديدة وأنا أعلم انه ما أحبني رجل قدر ما أحبني هو.
كيف تلتقي الأعين بعد كل تلك السنوات وقد تغير كلانا؟!
ما أصعب اللقاء الثاني!
وكأنني أردت أن أغلق عيناي على صورته كما رأيتها لآخر مرة منذ سنوات...وكأنني فضلت أن أراه دائماً بيني وبين نفسي كما كان أيام الجامعة. لم أشأ أن تعبث السنوات بذكرياتي الجميلة فآثرت أن أبقيها كما هي...كما كانت...كما كنا منذ سنوات.
وتمنيت ألا يأتي...

لكنه آتى....
وبقدر ما تحاشيت لقاءه، تمنيت رؤيته.
كان مجرد وجوده يشعرني بالأمان. ما شعرت قط بالأمان بقدرما استشعرت ذلك معه.
هو الآن زوج وأب...وأنا، كما صرحت له منذ سنوات، كما أنا.
ما آمنت قط أنه نسى....كنت أعلم أنني أحضر على خاطره بين آونةٍ وأخرى فيبتسم بقدر ما هو ساخط عليّ لأنني آلمته.
نعم، أنا على باله، مثلما استحضر ذكرياتنا معاً كلما افتقدته واحتجت إليه.

وانتفض قلبي حين رأيته.
حاولت مراراً أن أتحاشى النظر إليه إلا أنني فشلت.
وحين غافلتني عيناي، رأته يختلس النظر إليّ.
ومر أمامي شريط الذكريات...كل اللحظات الحلوة...كل المواقف التي ساندني فيها وكل المرات التي خذلته فيها...كل مرة سامحني فيها وتجاهل مشاعره ليكون إلى جواري وكل لحظة أضفت فيها إلى عذابه بإبقائه إلى جواري لاحتياجي إلى صداقته بلا مراعاة لمشاعره.
تُرى هل يكرهني؟

كم أفتقده!
لم نتحدث...وقلبي يبتهل إلى الله أن نفعل.
وخفت ضعفي...خفت أن نتحدث فنعود كما كنا فأفسد حياته...فتحاشيت الحديث.
وهممت بالرحيل، فتعلل بلا شيء كي يستدرجني للحديث. ولم أصدق أننا أخيراً نتحدث...كنت أظننا لن نلتقي أبداً مرة أخرى.
هي بضع كلمات لا معنى لها سوى أننا أردنا أن نلئم كسر الماضي ونروي شوق تلك السنوات العجاف.
ألتقت الأعين مرتجفة لثوانٍ معدودة...مرت وكأنها حلم أو لمحة من ذكريات الماضي الجميل.
ورحلت...وأنا أجر نفسي للرحيل، مخلفة ورائي نظراته وهي تودعني حتى أختفيت عن الأنظار.

Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

Back to Myself

Me and Men