الأقنعة

من أنا؟
سؤالٌ يجب أن يسأله كلٌ منا لنفسه.
هل أنا نفسي أم مسخٌ كوّنه المجتمع بمعتقداته وآرائه وتحكماته؟ هل أنا متصالحٌ مع نفسي أم مع القطيع؟ هل أفعل ما أريد أم احيا حياةً أخرى رسمها لي الناس كما ارادوها هم، لا كما تمنيتها؟ احياها واتحمل تبعاتها واشاهد احلامي وآمالي وهي تبتعد عني وتنزوي تدريجياً...
بعد سنين من الآن، حين انظر للماضي واراجع الزمن، ستسألني نفسي ماذا حققت وما مدى رضاي عنه؟ كيف سأعيد أجمل سنوات العمر لاحيا حياةً أخرى ارضى عنها وابتسم حين اراجعها بعد سنواتٍ من الآن؟
لقد اصبحنا نخشى نظرة المجتمع اكثر مما نخشى الله...وباتت أفعالنا مبنية على نيل رضا الناس وتجنب رفضهم لنا ونقدهم لتصرفاتنا. لطالما تمنيت أن اصادف ذلك الانسان الصريح مع ذاته، الذي يفرض شخصيته لا بالصوت العالي ظناً منه انه بذلك يفرض رجولته وسيطرته، ولكن بشجاعته في مواجهة المجتمع والناس، والدفاع عن حقه، والتمسك بما يريده، والاصرار على الوصول لمبتغاه، واحترام حرية الآخرين بعدم الحكم عليهم.
كيف اتبع مجتمعاً إذا اختلفت معه في الرأي أصبحت عدواً له، وإذا اردت ان اتبع ما انا مؤمنةٌ به صرت منبوذةً فيه!
لقد تعاظمت القيود حتى التفّت حول الأعناق واحتبست معها الأنفاس فكاد الموت يطغى على الحياة. هل مازلنا أحياء؟ أم اننا نصارع الموت فلا نحن نحيا ولا كذلك اسلمنا انفسنا لراحة الموت؟
أصبحنا ننافق أنفسنا قبل كل شئ. نقتنع بشئ ونفعل شيئاً آخر ليرضى عنا المجتمع...لنتجنب كلامه...لنتجنب المشاكل. صار لكلٍ منا أقنعةً كثيرة، نضعها بحسب ميول المجتمع المحيط. وفي كل مرة نضع فيها قناعاً، يسقط جزءٌ من الوجه الحقيقي حتى صار مشوهاً، ملامحه ممحاة، لم نعد ندري ماذا كنا وكيف أصبحنا...من نحن؟
أين الشخص الذي أحببته؟ أين الشخصية التي كانت يوماً هنا؟ أين الأمان مع أقنعة تتغير كل يوم؟ ما هو القناع الذي سنضعه اليوم؟ أي قناعاً سأحب؟ وماذا لو تغير القناع غداً...هل سأحبه في القناع الجديد؟
وكأنني لا أعرف من حولي من البشر...بل انني لا أدري إذا كانوا بشراً من الأساس أم مجرد أقنعة!
من أنا بينهم؟ ....ماذا أفعل؟ ....ولماذا؟
أبحث بين الأقنعة عن وجهي الحقيقي...وأبحث عن وجوه من أحب.
لم لا نتقبل بعضنا البعض بلا أقنعة؟ لم لا نختلف دون أن يرفض بعضنا بعضاً؟ لم يجب أن نشبه الآخرين...نتعدد من أصل لعدة نسخ؟! وهل يجب أن نسير في قطيع؟ هل نضل لو انفصلنا عن القطيع وسرنا وحدنا؟ ألا يوجد أي احتمال أن نهتدي ويضل القطيع؟ ألا يوجد أي احتمال أن ينفصل كلٌ منا في طريق بعواقب مختلفة تستحق المحاولة؟
مم نخاف؟ هل نخشى المجهول؟ هل نخشى نتائج التجربة ونستريح لفكرة المنطقة الآمنة حتى لو لم تكن المنطقة التي نبتغيها؟ أم اننا نتجنب الصراع الذي سنضطر لمواجهته للوصول للهدف...ألا يستحق الحلم العناء، حتى لو لم نصل إليه؟
أي قناعٌ انت؟! هل تتذكر ملامحك الحقيقية؟
أرني وجهك الحقيقي...
لن تشعر ابداً بصدق المشاعر إلا لو اظهرت وجهك الحقيقي...فإذا احبك الناس فهو الحب حقاً وإن احبوا القناع فلقد  ُحرمت صدق المشاعر وما تمتعت بمذاقها يوماً.
والآن...اجبني...من انت؟

Comments

  1. ~ أنا من أنا بأفعالى لا بكلماتى فحسب ، أنا من لا أبالى لا بالسؤال ولا بالإجابة فى هذه الدنيا التى صارت وحشية كالغابة ، يحاكم بها بنو الإنس على ظاهرهم لا بواطن أفعالهم وأقوالهم ، حتى صار النفاق والرياء والمداهنة وإرتداء الأقنعة عبادة أتقنها المنافقون من السادة .
    ~ تسئلينى من أنا وأنا من تركت لأجلك الجاه والمال والغنى ^_^
    ~ سلمت يمناك على هكذا إبداع ، واصلى كتاباتك وتأقلك بعون الله ورعايته ، فقط سطرتى بأناملك يا يدور فى عقلى وعقل غيرنا من الغرباء .

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

حين ألتقت الأعين

Back to Myself

Me and Men